نعيش ونقارن في حياتنا بين جيل الأمس وجيل اليوم ، بين تفكير جيل الان وبين تفكير جيل الأمس، ماذا اختلف؟ وماذا استجد؟ وماذا تغير؟ هذه الأسئلة التي تراود أذهاننا باستمرار!.

في الأمس عندما كنا صغار لا نتذكر اذا كنا نشرب في اليوم الواحد او اليومين الماء، وكانت حياتنا طبيعية ولا نحس بأي اعتلال في الصحه، ولكن اليوم اذا لم نشرب الماء خلال اليوم الواحد وبكمية كبيرة يمكن ان نصاب بإعياء او يمكن ان نصاب بجفاف حاد ندخل على اثره المستشفى! فلماذا تدهور بنا الحال؟ هل هو الاعلام التجاري؟ او أجساد الأجيال الحاضرة مختلفة او هل هي مؤامرة تجارية!!؟

بالأمس لا نخرج الى البحر للانبطاح امام الشمس ولا نفكر بذلك ابداً ، وكنا نعيش حياتنا بشكل طبيعي ولا نتعرض للشمس ربما لأيام ، ولكن اليوم اذا لم نتعرض للشمس وننبطح لها بالساعات امام شواطئ البحر كالغربيين يمكن ان نصاب بنقص في فيتامين (دال)  والذي  قد نتعرض بسبب نقصه للدوار والإرهاق المستمر  والخمول وكل مشاكل الحياه الصحية والنفسية!!!.

بالأمس عندما كنا صغار نذهب على عجله الى المدرسة بلا فطور وكانت الحياة طبيعية ، ولكن عندما كبرنا سمعنا في الاعلام الصحي ان الانسان الذي لا يفطر تتدهور حالته الصحية بشكل كارثي بل يمكن ان يؤدى ذلك النمط من السلوك الى خسارة حياته! ولكن بالرغم من هذه التخويفات ما زلنا على قيد الحياه وبصحة جيده والحمدلله!.

بالأمس ونحن صغار لم نسمع بفيتامينات ولا مكملات غذائية وعشنا بشكل طبيعي ، ولكن عندما كبرنا سمعنا من الاعلام الصحي ان الانسان يجب ان يتناول عدة فيتامينات وإلا سيختل توازنه الصحي والنفسي ، او على سبيل المثل لا الحصر اذا لم نتناول هذا المكمل الغذائي الذي يسمى أوميجا٣   سننسى اسمائنا وأسماء حتى والدينا وسنصاب بالغباء وربما بالزهايمر لاحقاً، وفي الحقيقة نحن لم نتناول هذا المكمل الغذائي في صغرنا قط! والحمدلله ما زلنا نذكر اسمائنا وأسماء والدينا حتى اليوم!!!

بالأمس كنا نستعمل اي شامبو عادي او حتى صابون لتنظيف شعرنا ونلبس القحفية والغترة والعقال ليل نهار ولا احد يشتكي من اي تساقط للشعر أو حساسية او جفاف ، ولكن اليوم اذا لم نستعمل الشامبو المخصص لنوع شعرنا وخصائصه سيؤثر ذلك على حالة فروة الرأس وبصلة الشعره كذلك!! وبالرغم من كل تلك المخاوف والدعايات التجارية ما زلنا نلبس الغتزة والعقال ونستعمل اي شامبو في متناول اليد ولا نستعمله بشكل يومي ومازال يوجد على رأسنا شعر!!!.

بالأمس كنا نأكل اي شيئ في طريقنا وفي أي وقت نحس فيه بالجوع وهانحن نعيش بصحة طبيعية والحمدلله، ولكن اليوم سمعنا من الاعلام الصحي اذا لم تأكل خضروات تحتوي على ألياف ودجاج ولحم وسمك يحتوي على بروتين وكمية من الكيربوهيدرات من خبز ورز وإلا سنعاني من مشاكل صحية لا اول لها ولا اخر !!! وبالعكس من كل تلك الدعايا التجارية فقد عشنا على غذاء من صنف واحد الا وهو الرز والسمك وأحياناً( جاشع ومالح) وما زلنا الى حد اليوم والحمدلله نمارس حياتنا بشكل طبيعي وبصحة جيدة!!!.

بالأمس كنا نلعب مع اولاد الحارة من المواطنين الأقارب وكذلك من الأجانب في نفس الحاره منهم البوذي والهندوسي والمسيحي والشيعي…الخ ولكن في الحقيقة لا نعرف لا دينهم ولا مذهبهم ولا نكن في الواقع نهتم بهذا الأمر، فكان الأهم هو ان نلعب مع بعضنا ونتنافس في الملعب وأفضلنا كان من يملك المهارة في اللعب فقط، وكانت تجمعنا روح واحدة من خالق واحد ، واليوم اصبح لكل مله حاره ولكل مذهب فريج ولكل دين مدينة، واصبح الناس لا يختلطون ولا يتعاملون الا مع نفس المذهب والدين والمله والعرق! فقد أصبح الاختلاط مع الغير المختلف خطر ومحظور!!!.

بالأمس كنا نذهب بعيداً عن بيوتنا نلعب ونلعب حتى نتعب وأهلنا في راحة وأطمئنان علينا، بالرغم انه لا يوجد في ذلك الوقت هاتف جوال او وسيلة اتصال ، واليوم اصبح لعب الصغار بعيد عن البيت خطر كبير يمكن ان يعرض الولد او البنت للاغتصاب او الاختطاف! علاوة على ذلك ان خرجت شبر من بيتك لزم عليك أخذ الجوال معك! بالرغم من ذلك سيستمر اتصال الأهل بك كل خمس دقائق للتأكد بأنك ما زلت حياً وسليم!!!

بالأمس كنا نلعب مع الأصدقاء ألعاب جسدية وخشنه مثل كرة القدم وشرطي وحرامي وغيرها من الألعاب المتعبه والشيقة في نفس الوقت، كلها ألعاب تمنحنا نشاط وقوة ورجولة ، وكنا نرجع الى بيوتنا وملابسنا متسخه ونتصبب عرقاً ، واليوم الصغار يلعبون “بلاي ستيشن” و “اكس بوكس” وهم جالسين متسمرين على كراسيهم بالساعات في منازلهم لا يتحركون ولا يتكلمون، وعقولهم منصبه على هذا الجهاز الذي أمامهم ، وتجد مزاجهم حاد ومتوترين كل الوقت ، وتلاحظ أجسامهم ناحله وطريه!!!.

بالأمس ونحن صغار تربينا على يد امهاتنا، وكانت الكلمه الواحده من والدينا تجعلنا نمشي على الخط المستقيم، ونأكل ونرتب اغراضنا وتكتب واجباتنا المدرسية كل شيئ من الالتزامات اليومية لوحدنا بلا مساعدة من احد، والحمد والشكر لله ولوالدينا أصبحنا رجال نعتمد على أنفسنا ونشق طريقنا بكل ثقة ، واليوم كل صغير خلفه مربية اجنبية تتبعه وتناوله الأكل والشرب وتقوم برعايته من الحمام حتى النوم! حتى أصبحوا إتكاليين انطوائيين لا يثقون بأنفسهم ولا يثق بهم الآخرون !!!.

بالأمس عند عودتنا  من المدرسة  كنّا نقوم لوحدنا بكتابة واجباتنا المدرسية بدون مساعدة من أحد، بالرغم من تلك الظروف تخرجنا من افضل الجامعات وبمعدلات مرتفعة وبإستفادة وعلم نافع، واليوم تجد كل طالب وبعد الرجوع من المدرسة ينتظره مدرس خصوصي لكل مادة! بالإضافة لذلك فالمدرس الخصوصي يكتب جميع الواجبات المدرسية التي على الطالب! وما على هذا الطالب الا ان يتسمر امام المدرس الخاص كالكرسي ينتظر أنقضاء الوقت حتى يعود الى الألعاب الالكترونية التي تمحي اي ذاكرة علم قد تعلمها في يومه ، وكذلك من الصعوبة ان تجد ذلك الطالب اليوم الذي يملك الحماس بالتعلم في جامعات مرموقة فالكل اليوم يبحث عن ورقة الشهادة فقط لا العلم والاستفادة !!!!.

وأفضل خاتمة نلخص موضوعنا بين الأمس واليوم هي أبيات معبره عن هذا الحال للإمام الشافعي :
نعي
يـنـا
ومـ
انـا
ونه
ذنـب
ولـ
هجانـا

د.علي العامري