هذا الموضوع الشائك والمهم جدير بالاهتمام من النخب العربية لكي يعرف الجميع وعن يقين وقناعة الاهداف الامريكية الخفية من تمويل منظمات المجتمع المدني المختلفة! وكذلك يقع على عاتق النخب العربية واجب فك شيفرة الدعوات الامريكية التي تنادي بالمبادئ السامية مثل حقوق الانسان والديمقراطية…الخ! وعلى ضوء الحقائق والأدلة والقرائن الدامغة يمكننا ان نقيم تلك الاهداف بدون الصراخ الديني والقومجي العاطفي والذي لا يستند الى أدلة كالأدلة الحاضرة في قضية التمويل الامريكي والغربي لمنظمات المجتمع المدني المصري، وفي هذة القضية على وجه الخصوص تكشف السياسة الامريكية ولأول مرة وبشكل واضح عن وجهها الحقيقي! وتفضح وتعري أركان حرب الجيل الرابع المتقدمة والتي نحاول ان نلامس جوانبها الإعلامية والتدريبية والتمويلية…الخ.

وسنحاول ان نجاوب على استغرابات شريحة كبيرة من العرب، هل ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية من مساعي لنشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان وتمويل ومساعدة منظمات المجتمع المدني هل هي مساعي حميدة ويشكر علية الأمريكان؟ او انها مساعي خبيثة تختفي وراءها اهداف مريبة!؟.

كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أنه في الوقت الذي ضخت فيه الولايات المتحدة مليارات الدولارات على البرامج العسكرية الخارجية وحملات مكافحة “الإرهاب” عملت مجموعة صغيرة من المنظمات الممولة من قبل الحكومة الأمريكية بالترويج للديمقراطية في الدول العربية التي تحكمها أنظمة “استبدادية” كما تدعي.

وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين يرون أن الحملات الأمريكية لبناء الديمقراطية لعبت دوراً في إثارة الاحتجاجات القائمة في بعض الدول العربية أكبر مما كان يعتقد سابقاً، فيما دُرِّب قادة بارزون للتحركات من قبل الأمريكيين.

وأشارت إلى أن هذه القيادات الهامة للتحركات درّبها الأمريكيون على كيفية شن الحملات والتنظيم من خلال وسائل الإعلام الجديدة، ومراقبة الانتخابات.

ونقلت عن برقيات دبلوماسية أمريكية سرية سرّبها موقع (ويكيليكس)، وأشخاص أجرت الصحيفة مقابلات معهم أن عدداً من المجموعات والأشخاص الضالعين مباشرة في الثورات والإصلاحات في المنطقة، بينها (حركة شباب 6 أبريل) والكثير من المنظمات والاحزاب العلمانية والدينية في مصر، (ومركز حقوق الإنسان) في البحرين، وناشطين شعبيين مثل (انتصار قاضي) الزعيمة الشبابية في اليمن، (وتلك الاسماء على سبيل المثال لا الحصر)! وهؤلاء جميعهم تلقوا تدريباً وتمويلاً من مجموعات مثل “المعهد الجمهوري الدولي”، و”المعهد الديمقراطي الوطني” والمنظمة الحقوقية غير الربحية المتمركزة في واشنطن “بيت الحرية” وغيرها من المنظمات الامريكية والغربية.

وأشارت البرقيات إلى أن عمل هذه المجموعات أثار التوترات بين الولايات المتحدة وكثير من زعماء الشرق الأوسط الذين اشتكوا تكراراً من أنه يجري تقويض زعامتهم بهكذا تدخل في شؤونهم!.

وذكرت الصحيفة أن المعهدين الديمقراطي والجمهوري منبثقان عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أمريكا، فيما تتلقى منظمة (بيت الحرية) الجزء الأكبر من تمويلاتها من الحكومة الأمريكية، وغالباً من وزارة الخارجية.

ان ‘منظمتي المجتمع المدني’ الجمهوري والديمقراطي، هما في الواقع ذراع مهم لتكريس سياسة الادارة الامريكية في العالم، سواء كانت الادارة جمهورية او ديمقراطية. فالمعهد الديمقراطي الوطني (NDI) هو ذراع الحزب الديمقراطي والمعهد الجمهوري الدولي (IRI) هو ذراع الحزب الجمهوري. وكلا المعهدين يعملان على تكريس السياسة الامريكية، في بلدان منتقاة، من خلال دعم ‘ منظمات مجتمع مدني ‘تستخدم لغة ‘الديمقراطية’ و’التمكين’ و’حقوق الانسان’ تحت شعار ‘تفعيل دور المؤسسات الحرة والديمقراطية حول العالم’ بازدواجية معايير لامثيل لها. وامثلة كيفية عمل المعهدين في العراق المحتل وافغانستان كثيرة خاصة في دعم منظمات ‘الديمقراطية’ الوهمية او الاسمية او المرتبطة بسياسة القوة الناعمة، الهادفة الى كسب قلوب وعقول مواطني البلدان المحتلة، كبديل استراتيجي للاحتلال العسكري المباشر.

بعض الدول فهمت اللعبة الخبيثة لدور منظمات المجتمع المدني كالمنظمات الحقوقية وقامت تلك الدول بتأسيس منظمات لها في الغرب بطرق غير مباشرة كأيران! فقد مولت ايران بعض المنظمات في الغرب لمساندتها في ملفاتها مع الغرب وأيضاً لاستخدامها للتدخل في شؤون الغير والضغط على بعض دول المنطقة كذريعة للتدخل في تلك الدول كما حصل في البحرين والسعودية ومن أمثال هذة المنظمات مؤسسة الشرق لحقوق الانسان او مركز الخليج لحقوق الانسان وغيرهم! وهذا هو نفسه الأسلوب الأمريكي الذي تحاول ايران محاكاته منذ زمن الشاه الحليف الامريكي القوي ومازال نفس الأسلوب في زمن ملالي ايران!.

في هذا الموضوع الخطير والشائك لا يسعنا الا ان نذكر القضية المرفوعة في مصر ضد منظمات المجتمع المدني والتي تقدر بالمئات والتي تمولها امريكا وبعض الدول الغربية وتفاصيل هذه القضية كالأتي:

تسريبات ويكليكس:

بدأت القضية تجذب الاهتمام وتتكشف هذه الفضيحة منذ تسريبات ويكليكس حيث ذكر الموقع المثير للجدل ان في عام 2009 وقعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون على سياسة أمريكية تقضي بالسماح بنقل أموال لبعض السياسيين والناشطين المصريين عبر منظمات أمريكية ودولية وعربية تعمل كواجهات للتمويل الأمريكي تفادياً للرقابة المصرية !

هيومن رايتس ووتش:

قال مصدر في هيومن رايتس ووتش ان أثنين من كبار السياسيين المصريين البارزين وهما نجاد البرعي وحافظ ابوسعدة متهمين في القضية التي يتم التحقيق فيها مع السياسي ناصر أمين والتي تتعلق بتلقي تمويلات خارجية سياسية!

التقرير المالي السنوي للوقف الامريكي للديمقراطية (NED ):

كشف التقرير عن قيام أحد أذرع التمويل الأمريكي عن تمويل عدد من كبار المنظمات السياسية العاملة في مصر شملت مركز ابن خلدون الذي يرأسة الناشط سعد الدين ابراهيم وبعض منظمات حقوق الانسان المصرية ، مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وبعض المنظمات الأخرى الساعية لتغيير في مصر وفق النمط الغربي!

من خلال بحثي في المصادر الكثيرة الأمريكية والغير أمريكية عن تفاصيل ومعلومات التمويل الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني المصري سأضع أمام القارئ اهم هذة المنظمات التي تلقت تمويل أمريكي:

– المركز العربي لإستقلال القضاء والمهن القانونية والذي يديرة ناصر أمين.
– معهد الأندلس للتسامح والدراسات المناهضة للعنف.
– جمعية حقوق الإنسان بأسيوط.
– جمعية المراقب المدني لحقوق الإنسان.
– المعهد المصري للصيرافة بواسطة مركز المشروعات الدولية الخاصة.
– الجمعية المصرية لتنمية المجتمع .
– جمعية التنمية البشرية.
– جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء.
– الجمعية المصرية لأصدقاء الحيوان .
– مؤسسة عالم واحد.
– جمعية مجتمعنا لتنمية حقوق الإنسان.
– جمعية سوا للتنمية الإجتماعية.
– مركز الأرض لحقوق الإنسان.
– جمعية الدعم القانوني نت أجل الحقوق الدستورية.
– مركز ماعت للدراسات الدستورية والقضائية.
– الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات .
– جمعية آفاق جديدة للتنمية الأجتماعية.
– مركز الدراسات الريفية.
– جمعية شومو للحقوق الإنسانية وتنمية المجتمع.

وهناك شخصيات ذكرت بالإسم أمثال:

د. ممدوح جبر ، ماجد سرور ، أحمد الشربيني ، أمينة أباظة والكثير من الأسماء القضاء وحده من سيحدد المتورط!

الاعلام:
وهناك بعض المؤسسات الإعلامية والتي ذكرت في التقارير الأمريكية في تلقي التمويل الأمريكي مثل : قناة 25 ينايرالإخوانية، قناة سات 7 القبطية، والعديد من الصحف والمواقع الإلكترونية وصحفيين كذلك!

هناك العديد من المنظمات والشخصيات والمؤسسات منهم من أنكشف ومنهم ما زال لم يكشف بعد ! وما تأكد حتى الأن من عدد المنظمات التي بالفعل تتلقى تمويل أمريكي يصل الى 215 منظمة ! وهناك حسب التقرير الامريكي ما عدده 600 منظمة تحت الطلب لتلقي تمويل أمريكي ! وهذا أمر مخيف ومرعب جداً!

موقف القضاء المصري:

القضاء المصري أصدر قرار إتهام في 100 صفحة يتعلق بالتحقيقات مع بعض المنظمات الغير حكومية العاملة في مصر ، وكان القرار قد أتهم عدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في مصر ، وتقرر إحالة 43 متهماً لمحكمة جنايات القاهرة ، والتهمة هي المسئولية عن إدارة وتأسيس فروع لمنظمات أجنبية داخل مصر وتلقي أموال من جهات أجنبية وإنفاقها على أنشطتها دون الحصول على موافقة من الحكومة المصرية.
ويضم المتهمون 19 أمريكياً منهم خمسة في مصر حالياً بينهم أبن وزير النقل الامريكي وصدر بحقهم جميعاً حظر سفر.
وأثنين من موظفي مؤسسة كونراد اديناور الالمانية وهما أيضاً في مصر ، وثلاثة من الصرب ولبنانيين أثنين ونرويجياً وفلسطيني وأردني بالإضافة الى 14 مواطناً مصرياً.

بعد كل تلك التفاصيل المثيرة للجدل في القضية نرجع لأهم سؤال الا وهو، ما هدف الأمريكان من هذا التمويل الممنهج لمنظمات المجتمع المدني المصري؟ وهل كشف القضاء المصري أهم ركن من أركان حرب الجيل الرابع المتقدمة!؟ وهل آن الآوان ان ندرك ان كل حراك أطياف منظمات المجتمع المدني ليس بالحراك العفوي كما يعتقد! او هكذا نحن نعتقد! وإذا كانت كل تلك المنظمات والمؤسسات والاشخاص ممولين من الخارج فمن يتبع اجندة من؟او دعونا نتتظر اهداف التمويل الامريكي التي لن تعرف الا بنتائجها النهائية حتى نحكم عليها، او ان انتظارنا لتلك النتائج سيكلفنا الكثير!؟ هؤلاء جميعاً لديهم مشروع من كل تلك التمويلات فما هو مشروعنا نحن؟!!!.

د. علي العامري